إن الذي يمد رجله لا يمد يده

إن الذي يمد رجله لا يمد يده


دخل أبراهيم باشا بن محمد علي ، المسجد الأموي وكان العالم العلامة الجليل الشيخ سعيد الحلبي


يلقي الدرس علي تلامذته ، وكان يشتكي من علِّـــــــــــة في قدمة فكان يلقي الدرس وهو يمد رجله


فلما دخل ابراهيم باشا المسجد تحوطه بطانته وجنوده وحراسه ، ومر موكبه علي الشيخ سعيد الحلبي


وهو
يلقي الدرس ، ظل علي هيئته يلقي الدرس ، وهو يمد رجله ولم يعتدل في جلسته
ولم ينحني له


أو يقوم ليحيي حضرة ابراهيم باشا ، فحدثته بطانته وحراسه عن هذا الشيخ الذي لم يحترم وجود الباشا


ولم يؤدي فروض الطاعة والولاء ، شأنه شأن سائر الناس ، وأخذوا يؤلبوا إبراهيم باشا علي الشيخ و يحرضوه علي


أن يقبض عليه وأن يضعه في السجن ليكون عبرة لمن يعتبر ، وفكر ابراهيم باشا في الأمر إذ أنه لو فعل ذلك


لازدادت محبة الناس للشيخ وكراهية الناس للباشا ، وفكر في حيلة ليوقع فيها الشيخ سعيد الحلبي فنادي أحد حراسه


وأعطاه صرة مملؤة يالدنانير الذهبيبة الخالصة وقال إعطها للشيخ أمام الناس وهو يلقي الدرس بالمسجد الأموي


وقل له إن ابراهيم باشا يهديك هذه العطية فإذا أخذها يسهل علي محاسبته دون أن ينبس ببنت شفته ويكون بذلك


كما
يقولون كسر عينه بهذه العطية ، وذهب الحارس ودخل المسجد والشيخ لا يزال
يلقي الدرس علي تلامذته


ونادي الحارس أمام الناس وقال ياشيخ سعيد إن مولانا الباشا إبراهيم يهديك هذه العطية تستعين بها علي قضاء حوائجك


فقال الشيخ سعيد الحلبي ، قل لإبراهيم باشا ـــــــــــ، ( سعيد الحلبي يقول لك إن الذي يمد رجله لا يمد يــــــــده )


هكذا كان العلماء لا يعتزون إلا بالله ولا يسألون إلا الله ولا ينحنون إلا لله وكانت للعلماء هيبة أشد من هيبة السلطان


أيها ألأخ الكريم والأخت الفاضلة كنوا أقوياء في الصدع بالحق ولاتعتز إلا باله ورسوله فالعزة لله ورسوله والمؤمنين


إجعل بربك كل عزك يستقر ويثبت ،،، فإذا اعتززت بمن يموت فإن عزك ميت


يقول الله تعالى في محكم كتابه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ
قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ
قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ


لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ ...