الســلام عليــكم ورحمــة الله وبركاتــه
كان هناك رجل تزوج بإمرأة فاتنة الجمال من بناة عمه
فرزق من زوجته ستة أولاد وكان يعيش مع زوجته وأولاده في سعادة ورخاء وكان للزوجة والد وأخ وعبد وكان الوالد كبير السن لا يكاد يخرج من البيت والأخ شاب في مقتبل العمر لا يكاد يعود من غزوة إلا هم بأخرى أما العبد فكان يرعى ابل عمه التي كلها من الإبل الأصيلة مجاهيم أي سود
. وكان هذا العبد يحب ابنة عمه حباً شديداً ومولع ومفتتن بها وبجمالها وقد راودها عن نفسها عدة مرات فكانت تصده عن نفسها بعنف وشدة وكان العبد يترقب الفرصة السانحة ليضرب ضربته القاضية وينال من ابنة عمه ما يريد
وسنحت له الفرصة ذات يوم حيث كان ابن عمه غازيا فجاء العبد إلى ابنة عمه وطلب منها ما كان يطلبه فصدته وأغلظت له القول
فما كان من العبد إلا أن أخذ حربته وذهب إلى زوج المرأة فقتله ثم ذهب إلى أبيها فأرداه قتيلاً ثم جاء إلى المرأة وقد شهدت مصرع زوجها ووالدها وكرر طلبه إليها
فكان موقفها هوهو لم يتغير
فجاء بأولادها وكانوا كلهم صغاراً فطلب منها أن تجيبه الى طلبه وإلا قتل أولادها
فكان موقفها صارماً وأصرت على الامتناع منه فقتل الابن الأول والثاني والثالث وهي ترى وتصر على موقفها حتى قضى العبد على أولادها الستة
ثم أخذ الزوجة الممتنعة عليه وأركبها إحدى الرواحل وأخذ الإبل الممجاهيم وهرب بالزوجة والإبل وسار بها من صحراء إلى صحراء وكان يعرف جبالا بعيدة لايعرفها أحد
وبين هذه الجبال بئر مهجورة لا يصل إليها أحد
فسار إليها وسكن بين هذه الجبال وحفر البئر حتى أخرج ماءها فصار يسرح بالإبل ويأوي إلى زوجة عمه عند هذه البئر وأدرك مقصودة من هذه المرأة عندما رأت أنه لا مفر لها ولا سبيل إلى الامتناع ورزقت منه ولداً ثم رزقت منه آخر كأنهم أفراخ الغربان
وكان في إمكان هذه المرأة أن تتحايل عليه وتقتله ولكنها إذا قتلته فأين تذهب
وكيف تهتدي إلى طريق لقد جاء بهما إلى مجاهل في الصحراء لا يطرقها أحد
ولا يهتدي إليها قاصد
وكانوا لا يرون في هذا المورد إلا غرابا أسود يأتي إذا وردت الإبل فيأخذ من أوبارها ثم
يطير إلى حيث لا يعرفون وخاف العبد من هذا الغراب أن يدل عليهم بهذه الأوبار التي يأخذها من ظهور الإبل وحاول العبد قتل الغراب فلم يستطع
ونصب له فخاً فلم يقع فيه وحاول بكل وسيلة أن يقضي على هذا الغراب ولكن الغراب كان حذرا واعيا لا تنطلي عليه الحيلة
ولا يترك مجالا لكي يصطاده العبد وأخيرا يئس العبد من صيده وتركه على مضض يرد
بورود الإبل فيأخذ من أوبارها ( شعرها ) ثم يطير حتى يختفي عنهم وراء الجبال
ورجع أخو المرأة من إحدى غزواته وعندما قرب من مضارب أهله أحس إحساساً
خفياً بأن في الأمر كارثة وقرب حتى أشرف على الحي فوجد الهدوء يخيم عليه
ولا أحد يروح ولا أحد يجيء
وازداد تشاؤمه وازداد وجومه واستمر في سيره حتى وصل إلى الديار فرأى
جثة والده وجثة زوج أخته وجثث الأطفال تتناثر حول البيوت
وكاد أن يصعق من هول المنظر لولا أنه كان يتمتع بكثير من الجرأة والشجاعة وأن
مناظر القتلى والدماء ليست غريبة عليه فطالما فتك وطالما قتل وطالما شاهد أمثال
هذه المناظر ولكنها ليست من أقاربه أنها من قوم أعداء يغير عليهم ويغيرون عليه ويقتلون اذا قدروا عليه ويقتلهم إذا قدروا عليه
وتماسك الرجل وعاد إليه بعض الهدوء عندما مرت الصدمة الأولى ورأى كل شيء على حاله ولم يفقد إلا الإبل المجاهيم وأخته والعبد فعلم بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا من صنيع العبد وأن العبد قد أخذ أخته وأخذ الإبل وهرب بالجميع
ولكن أين هرب بهم إنه لا يدري
ولكنه لا بد ان يكون دافع الـخـــوف والطمع سوف يسوقه إلى مكان بعيد لا يصل إليه ومع هذا فإن الأخ الشاب لم يفقد الأمل في العثور عليه مهما طال المدى
وأخذ الشاب تلك البقايا الباقية من الأموال وأودعها عند أحد أبناء عمه ثم ركب راحلته
وصار يسير من حي إلى حي ويسأل عن هذا العبد ولا أحد يعطيه أي خبر ولم يفقد
الأمل بل كان مصمماً على الوصول إلى نتيجة
واستمر في أسفاره وتنقلاته من حي إلى حي ومن ديره الي ديره حتى وصل ذات يوم إلى أبيات في سفح جبل وأناخ راحلته عندهم ليرتاح وليسأل فرحب به القوم وأكرموه وسأل عن العبد فأخبروه أنه لا علم لهم به ونظر إلى عجوز تغزل وبراً ( شعرا ) أسود فأحس أن هذا الوبر من إبله ان لون الوبر هو لون وبر أباعره
وسأل العجوز من أين هذا الوبر
فقالت انني آخذه من تلك الشجرة من عش غراب
_________________